الأربعاء، 22 يونيو 2011

قراءة في انضمام الأردن والمغرب لمجلس التعاون الخليجي

لقد برزت الحالة الخليجية في الآونة الأخيرة كجزء من مكونات هذا الحراك السياسي الكبير وكرافد لبعض من منجزاته؛ حيث تميزت الحالة الخليجية بخصوصيتها المعهودة فجاء التجاوب الخليجي مع الأحداث العربية خارج منظومة مجلس التعاون عدا (الحالة البحرينية) متباينًا بعض الشيء على مستوى كل قُطر، وإن حاولت مؤسسة مجلس التعاون الخليجي الخروج ببيانات موحدة وسياسات موحدة تجاه هذه الأحداث.
وقد جاء إعلان منظومة مجلس التعاون الخليجي عن موافقة المجلس على انضمام الأردن للمجلس ودعوته للمملكة المغربية أيضًا للانضمام كإفراز سياسي هو الأكثر أهمية في تاريخ المجلس منذ إنشائه. ووافق المجلس على طلب المملكة الأردنية للانضمام والتي كانت قد تقدمت به سابقًا، بينما كانت الحالة المغربية مغايرة حيث إن المغرب لم يتقدم بطلب للانضمام لكن المجلس قام بتوجيه الدعوة للمملكة المغربية للانضمام إليه. إن تباينًا كهذا يجعل كلاً من الحالتين مختلفتان عن بعضهما البعض؛ فالتباين هنا يوضح لنا مدى الاختلاف في الأهداف الإستراتيجية لتوجه المجلس بضم المملكتين، ويبين أيضا مدى اختلاف لعبة المصالح الدولية في المنطقة عندما يتعلق الأمر بانضمام هاتين الدولتين للمجلس.
لا شك أن هناك تباينًا حقيقيًا في الحالة الأردنية والمغربية؛ حيث إن إستراتيجية البلدين الخاصة بانضمامهما لمجلس التعاون الخليجي ليست متطابقة، كما أن مفردات الحياة السياسية والوضع الاقتصادي والأمني والعسكري في كلا البلدين يسجل أيضًا الكثير من الاختلافات.
إن قراءة في أسباب انضمام الأردن والمغرب إلى منظومة مجلس التعاون الخليجي لا يمكن أن ترتكز على عناصر منطقية فقط؛ حيث إن السياسة ليست لعبة نبيلة في أغلب الأحيان، وهكذا فإن المصالح كانت دائمًا هي المحرك الأساسي لأية فكرة سياسية أو قفزة نوعية كهذه التي قامت بها دول مجلس التعاون الخليجي، ولا يمكننا إغفال عنصر المصلحة في تحرك كهذا مع الأخذ بعين الاعتبار البعد عن التفكير في نظرية المؤامرة.

جاء إعلان منظومة مجلس التعاون الخليجي عن موافقة المجلس على انضمام الأردن للمجلس ودعوته للمملكة المغربية أيضًا للانضمام كإفراز سياسي هو الأكثر أهمية في تاريخ المجلس منذ إنشائه.
يمر الدور الأميركي في الشرق الأوسط بمرحلة تعتبر الأكثر حساسية في تاريخ هذا الدور؛ حيث إن تسارع التغيرات الآخذة في ضرب جميع مفردات الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية في المنطقة -والتي تستحق أن توصف بتسونامي سياسي- هو الأكبر في تاريخ العرب الحديث، هذا ما جعل الدور الأميركي يشعر بأن هذه الأحداث كانت أسرع من قدرة صناع السياسة الأميركيين على وضع خطط ردود الفعل على هذه الثورات، وكانت ردود الفعل تلك في بداية هذه الثورات يشوبها الكثير من التخبط حتى بدأت ملامح الصورة في المنطقة تتضح، وهذا ما نتج عنه لقاءات مكثفة بين المسئولين الأميركيين والأوربيين وبين زعماء المنطقة أمام الكاميرات ومن خلف الكواليس. كانت إسرائيل -ولا تزال- هي الشغل الشاغل للولايات المتحدة وللغرب كله لما تمثله من أهمية بالغة لترسيخ المشروع الأميركي الغربي في المنطقة؛ ولذلك فإن تغيرات سياسية عاصفة كهذه في المنطقة العربية لابد أن تثير لدى الغرب و"إسرائيل" الكثير من المخاوف على مستقبل الدولة العبرية ومستقبل المصالح الغربية في المنطقة.
وتعتبر الأردن بلا منازع البوابة الأكثر أهمية "لإسرائيل" وذلك لتمتع الأردن بموقع جغرافي مهم؛ حيث تقع كحائط سد في وجه كتلة بشرية تمثل شعوب شبه الجزيرة العربية؛ مما يجعلها ذات أهمية جيوسياسية بالغة التأثير على مستقبل الدولة العبرية. وتدرك الإدارة الأميركية والاتحاد الأوربي أن استقرار الوضع الداخلي الأردني يمثل مصلحة إستراتيجية "لإسرائيل"؛ حيث إن تغير النظام الأردني وصعود قيادة أردنية من أصول فلسطينية سوف يفتح الباب على مصراعيه أمام تهديد أمن الدولة العبرية، وحتى إذا ما نجحت "إسرائيل" في إدخال الأردن في نفق حرب أهلية بين أردنييها من أصول فلسطينية وأولئك الذين هم من ذوي الأصول الأردنية فإن انهيار الأمن الداخلي في الأردن سيطلق يد الإسلاميين لمهاجمة "إسرائيل" مستفيدين من انهيار منظومة الأمن الداخلي الأردني.
بطبيعة الحال لا تسعى دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر لحماية "إسرائيل" وأمنها ولكن الضغط الأميركي والأوربي على دول المجلس لضم الأردن يمثل عاملاً مهمًا في قبول انضمام الأردن والتي كان المجلس سابقًا يرفض انضمامها. ولا تستطيع دول الخليج العربية في ظل تنامي الخطر الإيراني أن تقف في وجه كثير من المطالب الغربية لأن المصالح المشتركة بين الطرفين أكبر من أي حسابات أخرى.
تمثل موافقة دول مجلس التعاون الخليجي على انضمام الأردن للمجلس بعد مماطلة لسنوات بمثابة بوابة لدعم حقيقي ومؤثر للاقتصاد الأردني بهدف إخماد روح التغيير التي بدأت تطفو على السطح بقوة في الشارع الأردني في الشهور الأخيرة؛ حيث تعتبر حركة التغيير في الشارع الأردني رفضًا للسياسات الاقتصادية الحكومية والتي خلقت في السنوات الأخيرة أزمة اقتصادية لم تكن بمعزل عن حالة الأزمة الاقتصادية العالمية مما أوجد حالة من الاحتقان في الشارع الأردني لم تسنح الفرصة لقوى هذا الشارع بالتنفيس عنه إلا بالاستفادة من ربيع الثورات العربية في الدول العربية الأخرى؛ مما جعل حراكًا شعبيًا كهذا أمرًا ممكنًا في بلد كالأردن.
ويمثل انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي فرصة للأردن حكومة وشعبًا للخروج مما قد اعتُبر بداية تمرد على الحياة السياسية في البلاد، وسيمثل ضم الأردن لمنظومة دول الخليج العربي فرصة حقيقية لإنعاش الاقتصاد الأردني، وتفويت الفرصة على قوى المعارضة الأردنية الساعية لمهاجمة النظام مما يمثل خطًا أحمر من وجهة نظر الدولة العبرية والغرب على حد سواء.
تمثلت المطالب الأميركية والأوروبية أيضًا بدعوة دول الخليج العربي المغرب للانضمام لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي، بهدف وضع المملكة المغربية ضمن هذه المنظومة السياسية مما سيجعل إعادة إحياء مشروع الاتحاد المغاربي أمرًا صعب التحقيق؛ ذلك أن المملكة المغربية تمثل الحجر الأساس لنجاح مشروع كهذا من الممكن أن يشكل خطرًا اقتصاديًا على أوربا والتي تنظر إلى دول جنوب حوض المتوسط كدول أساسية في إستراتيجيتها الاقتصادية نظرًا لما تمثله من أهمية استهلاكية للمنتجات الأوربية.

تعتبر الأردن بلا منازع البوابة الأكثر أهمية "لإسرائيل" وذلك لتمتع الأردن بموقع جغرافي مهم؛ حيث تقع كحائط سد في وجه كتلة بشرية تمثل شعوب شبه الجزيرة العربية.
تمثل المطامع الإيرانية في منطقة الخليج العربي مسألة قديمة سبقت حتى قيام الثورة الإسلامية في إيران، ولم تكن هذه المطامع يومًا غائبة عن ساسة الخليج. فالدور الإيراني منذ الثورة التي قادها الخميني في نهاية حقبة السبعينيات قد مر بمراحل متعددة كانت دول مجلس التعاون الخليجي تراقبها وترصدها وكثيرًا ما كانت تشارك في صنع جزء منها بهدف إبطاء نمو الدور الإيراني في المنطقة عبر إشغال الجمهورية الإسلامية الناشئة في إيران بحرب طاحنة استمرت حوالي عقد من الزمن مع العراق، بدعم مالي وسياسي قدمته دول المجلس للعراق حتى نهاية الحرب. ويمثل تنامي الدور الإيراني في المنطقة والذي بدأ يأخذ شكلاً واضحًا بعد سقوط الدولة السنية في العراق مصدر قلق حقيقي لدول مجلس التعاون الخليجي خاصة بعد أن شهدت السياسة الأميركية تغيرًا حقيقيًا تجاه دول المجلس بعد احتلال العراق، وارتباط المصالح الأميركية بهذا الأخير (العراق)؛ مما جعل الإدارة الأميركية مضطرة إلى التغاضي عن تنامي الدور الإيراني في المنطقة في لعبة المصالح الجديدة بين الولايات المتحدة وساسة العراق الجدد.
لقد أدركت دول مجلس التعاون الخليجي متأخرة أن دعم الحرب على العراق لم يكن أفضل الخيارات، هذا إن كان لديها أصلاً الكثير من الخيارات وقتها، ولكنها أدركت اليوم أكثر فأكثر أنها مضطرة إلى مساومة الولايات المتحدة على كثير من القضايا بعد أن وصل الزخم الإيراني في العراق والبحرين إلى أوجه. وكانت التجربة البحرينية -والتي لا تزال فصولها مستمرة- بمثابة جزء من حرب المصالح والمساومات بين دول المجلس والإدارة الأميركية التي أدركت أن دول المجلس قد وصلت إلى حالة غير مسبوقة من عدم الرضا عن السياسات الأميركية الجديدة. ولأول مرة تجد الولايات المتحدة -الحليف القوي لدول المجلس- نفسها مضطرة لصياغة خارطة طريق سياسية جديدة تجاه المنطقة وقضاياها الجديدة.
جاءت الموافقة على انضمام الأردن ودعوة المملكة المغربية للانضمام لمجلس التعاون الخليجي بمثابة خطوة مهمة من كل من دول مجلس التعاون والإدارة الأميركية لترتيب أوراق اللعبة السياسية الجديدة في المنطقة من جديد، وكنتيجة للضغوطات التي مارسها الفريقان على بعضهما البعض. فلم تعد دول الخليج العربي قادرة على تحمل ممارسات جديدة في السياسة الأميركية تجدها تصادمية لسياساتها وتقف مكتوفة الأيدي حيال مثل هذه السياسات، فكان التدخل السعودي الإماراتي في الأزمة البحرينية بمثابة دليل على تغير النظرة المشتركة بين دول المجلس وبين الإدارة الأميركية وكرسالة مهمة من دول المجلس للولايات المتحدة والغرب مفادها أن دول المجلس قادرة على اعتماد سياسيات جديدة خاصة بها دون التنسيق مع الإدارة الأميركية.
أدت هذه الأزمات المتلاحقة إلى إجبار الولايات المتحدة على التحدث إلى دول مجلس التعاون الخليجي بخطاب مختلف. وكان لابد لدول الخليج العربي من طرح تصوراتها الجديدة على الطاولة وكذلك فعلت الولايات المتحدة في أول تنسيق إستراتيجي بين الفريقين يختلف في مفرداته عن كامل مفردات التحالف الإستراتيجي المفتوح بين الفريقين لعقود طويلة.
تمثلت المطالب الأميركية في تأمين البوابة الشرقية "لإسرائيل" من انتقال عدوى الربيع العربي إليها، ولأن الشعب الأردني في مجمله يدرك صعوبة الانقلاب على الملكية الضاربة في جذور الوعي الأردني الشعبي فإن المعروف أن مبلغ المطالب الأردنية سيتمثل في تغيير السياسات الحكومية الاقتصادية، وقد يُحدث انتعاش حقيقي للاقتصاد الأردني اختراقًا كبيرًا وحقيقيًا لهجمة القوى الشعبية على النظام الأردني، وإخماد أية محاولات ذات تأثير على استقرار الوضع الأمني الأردني.
أما مطالب دول الخليج العربي فقد تركزت على لجم المشروع الإيراني وإن يكن عبر الأبواب الخلفية؛ مما تعتبره دول الخليج فرصة لها لإعادة ترتيب أوراقها في مواجهة هذا المشروع، وإعادة صياغة إستراتيجية جديدة من الناحية العسكرية والأمنية بما يمكن أن يمثل لها مخرجًا من التهديد الإيراني المتنامي والذي يصل أحيانًا إلى مستوى الغطرسة والتهديد المباشر.
ذكر أحد التقارير الصادرة عن البنك الدولي أن الأردن يُعد من أفضل البلدان التي تطبق إصلاحات اقتصادية مقارنة بغيره من البلدان متوسطة الدخل (1). وعلى الرغم من ذلك فما زال الأردن يواجه عدة تحديات، منها الضعف في مواجهة التقلبات في أسواق النفط العالمية، وذلك بسبب اعتماد الأردن الشديد على واردات الطاقة، وارتفاع معدلات البطالة والاعتماد على تحويلات المغتربين من بلدان الخليج العربي ودول الاغتراب الأخرى، وزيادة الضغوط على الموارد الطبيعية لاسيما المياه. ويظل أكبر تحد يواجهه الأردن هو ضرورة إيجاد الظروف الملائمة لزيادة استثمارات القطاع الخاص وتحسين القدرة على المنافسة. وسوف يساعد هذا على تحقيق معدلات النمو المرتفعة والمستدامة وهو أمر ضروري لخلق فرص العمل وتقليص معدل الفقر.
تنظر المملكة الأردنية الهاشمية إلى الموافقة على طلب انضمامها لدول مجلس التعاون الخليجي على أنها بمثابة فرصة حقيقية لإطلاق أيدي المستثمرين الخليجيين للاستثمار في الأردن، خاصة بعد تراجع تلك الاستثمارات في بلدان كانت تُعتبر من أكثر البلدان استقبالاً لها وعلى رأسها مصر. وتدرك الأردن أيضًا أن الولايات المتحدة ترى في انضمامها لدول المجلس واستقرار أمنها الداخلي مطلبا إستراتيجيا مهما لضمان أمن إسرائيل، وتعلم أيضًا أن دول الخليج العربي اليوم تحتاج إلى إضافة تكتلات سكانية جديدة لها في مواجهة الخطر الإيراني المتنامي والحقيقي.

تمثلت المطالب الأميركية والأوروبية أيضًا بدعوة دول الخليج العربي المغرب للانضمام لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي، بهدف وضع المملكة المغربية ضمن هذه المنظومة السياسية مما سيجعل إعادة إحياء مشروع الاتحاد المغاربي أمرًا صعب التحقيق.
تُصنف المملكة المغربية كدولة نامية في الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، وذات نظام ملكي وراثي أيضًا، وقد حققت تقدمًا اقتصاديا قويًا منذ عام 2001، وتعمل الحكومة المغربية منذ تلك الفترة على تنويع متزايد لأنشطة الدولة الاقتصادية وإدارة سليمة للاقتصاد الوطني، وذلك حسبما ذكر البنك الدولي في تقرير له (2)؛ حيث تمكن المغرب من تقليص نسبة الفقر الكلي إلى 9% في 2007. ويتمتع المغرب بالموارد البشرية والموقع الجغرافي وعوامل جذب جعلت من السياحة قطاعًا اقتصاديًا مهما فيه. يرى المغرب في دعوة مجلس التعاون الخليجي للانضمام إليه فرصة حقيقية لتحقيق عدة مكاسب في غياب أي مستقبل لإعادة إحياء منظومة اتحاد المغرب العربي، وذلك بعد انهيار الأنظمة الحاكمة في اثنتين من جمهورياته، وغياب الرؤية الواضحة للإستراتيجيات التي ستعتمدها الجمهوريات الثورية الجديدة والتي قد تتعارض مع سياسات المملكة والتي تمثل نظامًا ملكيًا يعتمد سياسات الحكم العربي التقليدية.
وكما الأردن، يرى المغرب في انضمامه إلى مجلس التعاون الخليجي فرصة جيدة لتدفق المزيد من الاستثمارات الخليجية له؛ مما سيساعد في تقليص نسبة البطالة في الشارع المغربي، وإتاحة المزيد من فرص العمل للشباب المغربي في سوق العمل الخليجية. بالإضافة لذلك فإن المغرب سيجد في انضمامه لمنظومة دول الخليج العربي مصدر قوة له في المحافل الدولية؛ حيث سيمنحه مثل هذا الانضمام زخمًا أكبر في لعبة المصالح الدولية.
أما دول الخليج العربي فترى بانضمام كل من الأردن والمغرب لمجلسها، خطوة مهمة في مواجهة الخطر الإيراني من جهة، وفي مواجهة أزمات سكانية داخلية من جهة أخرى؛ حيث تعتقد دول الخليج العربي أن زيادة عدد سكان دول المجلس من 38 مليونًا إلى 76 مليون بمثابة مكسب حقيقي لها سيمكنها من تشكيل تكتل إقليمي يعوضها عن فشل التكتل الذي لم تنجح الجامعة العربية في تكوينه مقابل الخطر الإيراني المحدق بدول المجلس. كما أن انضمام هاتين المملكتين للمجلس سيمثل إضافة مهمة في المجال العسكري والأمني؛ حيث ستبدو دول الخليج أكبر تكتلاً أمام الأطماع الإيرانية المدعومة بتعاطف شعبي ورسمي عراقي.
كانت التجربة الأردنية -والتي تمثلت في دعم الحكومة البحرينية في التمرد الذي شهدته المملكة في التسعينيات- بمثابة تجربة مهمة أثبتت أن الأردن يمكن الاستفادة منه أمنيًا إذا ما تعرضت دول المجلس لتمرد سياسي أو عِرقي، حيث تواجه دولة الإمارات العربية الخطر الأكبر فيما يتعلق بأي تمرد عرقي لما بها من جاليات متنوعة تبلغ أعدادها الملايين، ويتركز هذا الخطر في الجاليات الإيرانية والهندية والباكستانية والتي تمثل تحديًا أمنيًا حقيقيًا للإمارات على وجه الخصوص، ولدول الخليج العربي الأخرى على وجه العموم.
تتمثل المصلحة الخليجية أيضًا في الاستفادة من الموقع الجغرافي للملكة المغربية على المستوى الاقتصادي؛ حيث يصبح قرب المغرب من أوربا عاملاً مهمًا في إنعاش حركة التجارة بين دول المجلس والاتحاد الأوربي؛ وذلك بعد انضمام المغرب لمجلس التعاون، ودخوله ضمن المنظومة الجمركية لدول المجلس مما سيحرر المزيد من القيود التجارية وسيفتح الباب أمام الشركات الخليجية للاستفادة من مميزات كهذه بهدف إنعاش الاقتصاد الخليجي لاسيما القطاع الخاص.

دول الخليج العربي فترى بانضمام كل من الأردن والمغرب لمجلسها، خطوة مهمة في مواجهة الخطر الإيراني من جهة، وفي مواجهة أزمات سكانية داخلية من جهة أخرى.
لاشك أن انضمام نظامين ملكيين عربيين إلى منظومة دول الخليج العربي قد تم تناولها من قبل العديد من الباحثين والخبراء والمحللين السياسيين العرب، لكن الأسباب الحقيقية لخطوة تاريخية كهذه، لا يمكن النظر إليها من زاوية مصالح اقتصادية وأمنية فقط؛ حيث إن منطقة الشرق الأوسط هي أكثر مناطق العالم أهمية للقوى الكبرى، ويدرك العرب حكامًا ومحكومين أن اللعبة السياسية العالمية لها أهداف وأبعاد كثيرة تتعلق بهذا الإقليم، وسيكون انضمام الأردن والمغرب لمجلس التعاون الخليجي بمثابة تحول سياسي عالمي مهم تجاه المنطقة العربية؛، حيث سيصبح مجلس التعاون الخليجي ما قبل الأردن والمغرب مختلفًا بشكل كبير عن مجلس التعاون الخليجي بعد انضمام هاتين الدولتين. قد تستفيد دول الخليج العربي من خطوة سياسية كهذه وقد تستفيد هاتان المملكتان من انضمامهما للمجلس، لكن أقطاب السياسة الدولية لن يكونوا أيضًا بمنأى عن فوائد "مصالحية"، وفي مقدمتهم الغرب و"إسرائيل".
___________________


كاتب ومحلل سياسي: فرج العكلوك


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق